بالغمز واللمز والإيحاءات والإيماءات عادت من جديد دعوات تفتيش الكنائس والأديرة..
أول دعوة من هذا النوع كانت من بنات أفكار الدكتور محمد سليم العوا - الفقيه القانوني والذي يحمل الآن لقب المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية.. فقبل 3 سنوات لفت الدكتور «العوا» إلي أن الكنائس والأديرة تخفي داخلها أسلحة وتحتجز عددا من المسيحيات اللائي تركن المسيحية واعتنقن الإسلام.
ووقتها قامت الدنيا، واشتعلت المعارك الكلامية في كل ربوع مصر، واحتاجت الواقعة إلي شهور وشهور لكي تهدأ وتتواري عن مسرح الأحداث، وأحاديث الناس..
وقبل أيام أعاد الشيخ محمد حسان ذات الكلام، وبعثه مجددا من مرقده.. وطالب «حسان» الذي يحمل لقب «الداعية الإسلامي» بتفتيش المساجد والكنائس والأديرة، معتبرا ذلك أحد أهم الوسائل لوأد الفتنة الطائفية.
كلام «حسان» يرتدي ثوب النصيحة، إلا أنه في حقيقته ليس إلا دعوة جديدة تطالب بتفتيش الكنائس والأديرة، فمن المفهوم ضمنا أن الشيخ «حسان» لا يقصد بدعوته تفتيش المساجد، لأنه بحكم ارتياده لكثير منها يعرف تماما ما تحويه وإنما مقصد «الشيخ» ونيته وقصده مما قاله هو تفتيش الأديرة والكنائس التي لا يعلم ماذا يوجد داخلها.
وكما حدث مع الدكتور «العوا»، سيعتب كثير من المصريين علي الشيخ «حسان» معتبرين ما قاله يثير غضب مسيحيي مصر علي اختلاف طوائفهم.
ولكن.. هل يغضب المسيحيون من دعوات تفتيش الكنائس والأديرة؟..
والسؤال الأخطر: هل لو تم تفعيل مثل هذه الدعوات سيرفضون تفتيش كنائسهم وأديرتهم؟.. وإذا كانوا يؤكدون صباح مساء أن الأديرة والكنائس هي فقط دور عبادة وليس فيها أية ممنوعات فما الذي يضيرهم إذا تم تفتيشها؟
الحقيقة التاريخية - حسب تأكيدات الإكليريكي يونان مرقص القمص تقول إن الكنائس المسيحية لم تخضع للتفتيش أبدا فلم يصدر حاكم في أي عصر قرارا بتفتيش الكنائس حتي في أحلك عصور الاضطهاد الديني، ولكن تلك الحقيقة التاريخية لا تحول دون تفتيش الكنائس طالما كان ذلك في صالح الوطن..
ومن جانبه رحب الأنبا يوحنا قلتة المعاون البطريركي للأقباط الكاثوليك بمصر بتفتش الكنائس والأديرة..
وقال فى تصريحات لصحيفة (الوفد) : «مفيش مشكلة خالص.. اللي عايز يفتيش يتفضل بشرط أن يعلن بعد انتهاء التفتيش ما انتهي إليه هذا التفتيش ويقول علي الملأ ما وجده داخل الدير أو الكنيسة.
< سألته: ألا تري في هذه الدعوة مساساً بهيبة الأديرة والكنائس؟
- أبدا.. أبدا.. ليس فيها أي مساس بهيبة الكنائس، فالتفتيش هو أحد حقوق الدولة علينا، فالدولة من حقها أن تفتش الأشخاص والمنازل والمباني أيا كان طبيعتها ومفيش في ذلك مشكلة علي الاطلاق، مادام في هذا التفتيش صالح الوطن.
< إذن أنت تقبل تفتيش الكنائس الكاثوليكية؟
- علي الرحب والسعة.. كنائسنا وأديرتنا مفتوحة للجميع وكما قلت فمادام التفتيش فيه صالح الوطن فلا يمكن لأي مصري أن يرفض التفتيش، ولكن الفيصل ان يكون التفتيش بهدف صالح الوطن.
< بمعني؟
- ان يكون المقصود به وجه الوطن وليس التنكيل ولا التكبيل ولا التشكيك ولهذا قلت إنه يجب إعلان نتيجة التفتيش علي الملأ.
< ولماذا؟
- لانني علي يقين أن كنائسنا وأديرتنا ليس فيها ما يغضب الله أو الوطن، ولهذا أؤكد علي ضرورة إعلان نتيجة التفتيش، الكنائس الإنجيلية تفتح أبوابها للمفتشين ولا تبدي أدني اعتراض إلا علي المسمي فقط.
ويقول الأب الدكتور صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيلية «كنائسنا مفتوحة ليل نهار ولا نغلقها في وجه أحداً.
< وبشكل محدد هل تقبل تفتيش الأديرة والكنائس الإنجيلية؟
- أديرتنا وكنائسنا مفتوحة أمام الجميع ولكن بلاش كلمة تفتيش.
< لماذا؟
- لفظ التفتيش لا يجوز ان نقرنه بالكنائس والأديرة والمساجد، فالتفتيش لا يجري إلا علي البيوت المشبوهة أو أوكار المخدرات، أما بيوت الله فلا يجوز أبدا أن يقال إنها ستفتش.
< إذن اعتراضك علي التسمية فقط؟
- بالضبط .. فأنا أرفض لفظ التفتيش ولكن من يرد أن يري بعينيه ما الذي يوجد في الكنائس والأديرة فأهلا به وأبوابنا مفتوحة، لأنها في الأول والآخر هي بيوت الله، وبالتالي فمالكها هو الله ولا يملك إنسان أن يمنع أي شخص يريد ان يدخلها، فالكنائس والأديرة ليست نوادي تسمح بالدخول فقط لأعضائها، وليست مصانع تمنع غير العاملين من دخولها.
< تقصد أن الإنجيليين في مصر لن يغضبوا من تفتيش كنائسهم وأديرتهم؟
- لن يغضبوا علي الاطلاق وهذا الكلام علي مسئوليتي ولكن كما قلت بلاش كلمة تفتيش لتكن معاينة أو إشرافاً أو أي شيء آخر غير لفظ التفتيش.
بخفة الدم المصرية علق كثير من قيادات الكنيسة الأرثوذكسية علي دعوة تفتيش الكنائس، أكثر التعليقات خفة، قالها قيادي كنسي كبير مؤكدا ان وزارة الداخلية تعلم عدد الأحجار وحبات الرمل والحصي الموجودة.. وقال «لو أن عصفورة ضلت الطريق لتعشش في نجفة داخل كنيسة أو دير فإن الأجهزة الأمنية ستعرف ان عصفورة دخلت لتعشش في نجفة الدير أو الكنيسة وبسرعة ستفتح لها سجلاً كاملاً تسجل فيه بيانات كاملة عن العصفورة وأمها وأبيها وإخوتها وحالتها الاجتماعية.
وبكلمات محددة قال رمسيس النجار - مستشار البابا شنودة ليس لدينا ما نخفيه أو نخاف منه ولكن عملية التفتيش يجب ان تتم وفقا للقانون.
< أي قانون؟
- قانون الإجراءات الجنائية، وطبقا لهذا القانون فإن أي شخص يمكنه تقديم بلاغ رسمي للنيابة، يقول فيه ان هناك أسلحة مثلا في مكان وهنا لا يوجد أي مانع يحول دون تفتيش هذا المكان حتي لو كان كنيسة أو مسجداً.
< ولكن هذا لم يحدث من قبل فلم نسمع أنه تم تفتيش كنيسة أو مسجد؟
- لان الدولة بأجهزتها المختلفة تعلم علم اليقين بان الكنائس والمساجد لا تخفي أسلحة داخلها.
< إذن الكنيسة الأرثوذكسية لا تمانع أو تعارض تفتيش كنائسها وأديرتها.
- علي الإطلاق .. نحن لا نعترض علي التفتيش وإنما نعترض علي الأعمال البوليسية، بمعني أننا نعترض علي ان يتحول التفتيش إلي سيف مسلط علي رقاب الكنائس، ورغم ذلك نقول إن من يعتقد ان الكنائس والأديرة بها أسلحة فليتفضل ويقدم بلاغاً ضد الكنيسة أو الدير التي يعتقد أنها تخفي سلاحاً وليأخذ القانون مجراه وليتحمل هو تبعات بلاغه.
< ماذا تقصد بتحمل تبعة البلاغ؟
- يعني لو ثبت ان بلاغه كاذب وان المكان الذي يقول ان فيه أسلحة تم تفتيشه ولم يتم العثور علي شيء فيه، فعليه حينئذ ان يتم تطبيق القانون عليه وأن يحاكم بتهمة البلاغ الكاذب.
< وما هي عقوبة البلاغ الكاذب؟
- الحبس لمدة شهر علي الأقل وهذه أدني عقوبة، أما العقوبة القصوي فهي الحبس لمدة 3 سنوات.
0 التعليقات
إرسال تعليق